تلعب الدورات التدريبية دوراً هامَّاً وكبيراً في تنمية المهارات لدى الأشخاص، حيث تُساعد هذه الدورات في تطوير الذات وبناء الثقة بالنفس، بالإضافة إلى تحسين المستوى الوظيفي للفرد؛ كما تهدف إلى توسيع قاعدة المعرفة لدى جميع المتدرِّبين، وتعليمهم بعض المهارات الجديدة، وتطوير مهاراتهم القديمة.
ماهية التدريب والدورات التدريبية:
- التدريب لغةً: يُقال درَّب فلانٌ فلاناً بالشيء، ودرَّبه على الشيء؛ أي: عوَّده ومرَّنه.
- التدريب اصطلاحاً: نشاطٌ مُنظَّمٌ يهدف إلى مساعدة الفرد في أداء مَهمَّةٍ محدَّدة، وذلك عن طريق التغيير المقصود في معارفه ومهاراته وتوجُّهاته.
وهو كلمةٌ تُشير إلى عملية تزويد الفرد بالمعلومات والمعارف التي تُكسِبه المهارة في أداء العمل، أو تنمية وتطوير ما لديه من مهاراتٍ ومعارف وخبرات؛ ممَّا يزيد من كفاءته في أداء عمله الحالي، أو يُعِدُّه لأداء أعمالٍ ذات مستوى أعلى في المستقبل القريب.
يعدُّ التدريب مصدراً هامَّاً من مصادر إعداد الكوادر البشرية من أجل تطوير مهاراتهم وذواتهم بما ينعكس إيجاباً على أداء المؤسَّسة التي يعملون فيها أيضاً.
أمَّا الدورات التَدريبيَّة، فهي المهارات العملية والمعرفة التي تتصل مع بعضها بعضاً لتفيد الشخص المُتدرِّب، وتُعقَد هذه الدورات التدريبية في معاهد فنيةٍ أو كليَّاتٍ تقنيةٍ تقوم على توفير بيئةٍ مُناسبةٍ لاكتساب المهارات والخبرات على يد مُدرِّبين مختصِّين في مجالٍ مُعيَّن، وتمثِّل عاملاً هامَّاً لتعزيز التحصيل العلمي والقدرات الذاتية والخبرات المُكتَسَبة للمتدرِّب، وتُضاعِف فرص التوظيف والإنتاجية.
أهمية الدورات التدريبية في تطوير الذات:
لا تتوقَّف أهمية الدورات التدريبية على تطوير الذات من الناحية الوظيفية فحسب، بل تتوسَّع لتشمل مختلف الجوانب التي يحتاجها الإنسان في حياته، مثل: الجانب المهني والاجتماعي والأسري والشخصي، وغيرها من الجوانب الأخرى التي تمكِّنه من تحقيق غاياته، والوصول إلى أهدافه، والعيش بسعادةٍ ورفاهية.
فيما يلي بعض النقاط التي توضِّح أهمية الدورات التدريبية في تطوير الذات:
- تكمن أهميتها في كونها تؤدِّي إلى تغييرِ أو تحسينِ أو تطويرِ المتدرِّب خلال قيامه بالمهام والأعمال المطلوبة منه بكفاءةٍ وفاعليةٍ أفضل، ممَّا يُسهِم في تحقيق أهدافه وأهداف المؤسَّسة والمجتمع.
- لها أهميةٌ كبيرةٌ في تطوير الذات من حيث النتائج التي يمكن تحقيقها، والتي تبرز من خلال: تنمية معارف الأفراد ومهاراتهم وقدراتهم، وتعميق أفكارهم، وتغيير سلوكاتهم وتوجُّهاتهم؛ وتعمل بذلك على تطوير ذواتهم والارتقاء بها.
- تظهر أهميتها في تطوير الذات من خلال تأثيرها في الأفراد أو المتدرِّبين، ورفع مستوى طموحاتهم، وتنمية دوافعهم، وتحسين معدَّلات أدائهم؛ فترتفع بالتالي كفاءتهم الشخصية والمهنية، ليكونوا أكثر قدرةً على مواكبة التطورات وتحمُّل الأعباء والمسؤوليات الإضافية المُلقاة على عواتقهم.
- تُساهم في تطوير الذات من خلال تحفيز المتدرب، ورفع الروح المعنوية لديه؛ بغية تحقيق الرضا الذاتي، ورفع الإنتاج والكفاءة في الجهة التي يعمل فيها، أو التي يرغب في الالتحاق بها مستقبلاً.
- تُساعد على توفير الوقت والجهد، وتقليل الأخطاء، وغرس سلوكات وطرائق تفكيرٍ سليمة، وتجديد المعلومات والخبرات المتنوِّعة أو المتخصِّصة في مجالٍ وظيفيٍّ مُحدَّد.
- تلعب دوراً هامَّاً في تحسين مستوى الأفراد مادياً وأكاديمياً وثقافياً وعمليّاً، وخاصَّةً عندما يطبِّقون ويستخدمون تلك المعارف التي تلقَّوها في الدورات التدريبية المختلفة في حياتهم وعملهم.
أنواع الدورات التدريبية:
تتنوَّع الدورات التدريبية وتختلف، فهي ليست محصورةً في مجالٍ واحدٍ فحسب، بل تشمل: الدورات القيادية والإدارية، والتخطيط الاستراتيجي، ودورات الذكاء القيادي والتنفيذي، وغيرها الكثير.
تخضع هذه الدورات لمعايير علميَّةٍ وتقييم، بحيث يحرص المتخصِّصون قبل بدء أيِّ دورةٍ تدريبيةِ على تحديد احتياجات المستفيدين منها أولاً، بما يتوافق مع الأهداف والخطط التي وضعها المُدرِّب؛ كما ويُحدِّدون العائد أو النتيجة المحقَّقة في نهاية الدورة التدريبية، والتي تنطوي على مدى اكتساب المستفيد من هذه العلوم التي خضع لها لفترةٍ وجيزة.
تنقسم الدورات التدريبيَّة عموماً إلى:
1. الدورات التدريبية العامَّة:
تفرضها الحكومات أو الجهات العامَّة، وتكون موجَّهةً إلى العاملين في مختلف القطاعات الحكومية، وتهدف إلى رفع مستوى العاملين علمياً ومهنياً وثقافياً، ومواكبتهم للتطوُّرات المختلفة في مجالات عملهم، ومنحهم الفُرَص للارتقاء في سلَّمهم الوظيفي، كما تتيح المجال لتبادل الخبرات بين العاملين في القطَّاعات الحكومية المختلفة، وتبادل الأفكار والمعلومات والتعاوُن بين الهيئات المختلفة.
2. الدورات التدريبية الخاصَّة:
تقوم بها بعض الهيئات أو الأماكن المخصَّصة لإعطاء الدورات التدريبية، وذلك من خلال التقصِّي عن الاحتياجات المختلفة لسوق العمل، ومعرفة ما يحتاج الأشخاص إلى تعلُّمه من مهارات؛ لتُصمِّم على هذا الأساس بعض الدورات خصيصاً لهؤلاء الأشخاص، فتجمع عدداً منهم، وتقدِّم مادةً علميةً شاملةً لاحتياجاتهم كافة.
تُعدُّ هذه الدورات من أشهر أنواع الدورات التدريبية التى يسعى الكثيرون إلى الالتحاق بها، وغالباً ما يكون الغرض منها التعلُّم وتلقِّي المهارات المختلفة أكثر من الحصول على الشهادات المعتمدة، ويندرج تحتها العديد من أنواع المهارات والعلوم، سواءً كانت يدويةً أم فنيَّةً أم لغويةً أم حتَّى تقنية.
فوائد الدورات التدريبية على المؤسَّسات والشركات:
لقد باتت الدورات التدريبية من أهمِّ الأمور التي تتجه إليها العديد من الشركات والمؤسَّسات، لما لها من أثرٍ بالغ وأهميةٍ كبيرةٍ في زيادة الثقة بالنفس وتطوير الذات للموظَّف، حيث تُساعده في تغيير سلوكه بشكلٍ إيجابي، وزيادة واكتساب المعلومات والأفكار المتجدِّدة عن طبيعة عمله، ورفع مستوى كفاءته وإنتاجيته، وزيادة المهارات التي تمكِّنه من الوصول إلى مستوى الإبداع؛ الأمر الذي سينعكس على الشركة أو المؤسَّسة التي يعمل فيها بشكلٍ إيجابي.
لكن وفي المُقابل، تركِّز الكثير من الشركات والمؤسَّسات على الجانب العملي (المهني) تركيزاً كبيراً، وذلك من خلال إرسال المُوظَّفين إلى دوراتٍ فنيةٍ حسب مجال عملهم، فتقوِّي فيهم هذا الجانب، وتُغفِل جوانبَ أخرى تماثله في الأهميَّة، ألا وهي: الجانب النفسي، والجانب الذهني، والجانب الجسدي.
على الرغم من كون الدورات المهنية المتعلِّقة بالعمل نفسه تعتبر جزءاً من تطوير الذات، إلَّا أنَّ المنهج الرئيس لتطوير الذات هو منح الموظَّفين القُدرة المستمرَّة على تطوير خبراتهم ومهاراتهم ذاتيَّاً، أي تقوم التنمية الذاتية للموظَّفين على منحهم التقنيات والأساليب العقليَّة والنفسيَّة التي تجعلهم أكثر قابليةً لاكتساب مهاراتٍ أخرى.
يتوقَّف أداء الموظَّف على العديد من العوامل، أوَّلها: خبرته وعلمه في مجال عمله، ومن ثمَّ تأتي الجوانب النفسية والذهنية والصحية والعائلية؛ فحتَّى لو كان الموظَّف يتمتَّع بذكاءٍ ومهاراتٍ عاليةٍ في مجال تخصُّصه، لكنَّه يُعاني في المقابل من مشاكلَ عائليةٍ أو حالةٍ نفسيَّةٍ سيئة، أو غيرها من الأمور؛ فإنَّه لن يقوم بعمله بالشكل المعتاد، هذا إن لم يتوقَّف عن العمل. لذا يحتاج المُوظَّفون إلى الاهتمام بحالاتهم النفسية والذهنية والجسدية، وتطويرها في هذا المجال؛ لأنَّ هذا يُشعِرهم بأهميتهم وقيمتهم، وهو الأمر الذي يجعل المُوظَّف يعمل وهو مستمتع؛ لذلك فإنَّ التدريب وتطوير الذات هامٌّ للمديرين والموظَّفين، ويقع على عواتقهم معاً على حدٍّ سواء.
يقول جون زينجر في كتابه “22 سراً إدارياً لتحقيق الكثير بالقليل”:
“إنَّ الحاجة ماسَّةٌ إلى التدريب بالفعل، فالمنافسة العالمية والقوَّة العاملة دائمة التغيير، والأشكال الإداريَّة الجديدة والتكنولوجيا الحديثة كلُّها أمورٌ قد فَرَضَت مُتطلَّباتٍ وأعباء ضخمة على أفرادنا، وإذا كان على قوَّةٍ عاملةٍ صغيرةٍ في شركة قلَّصت حجمها أن تؤدِّي وحدها كلَّ الأعمال، فلابدَّ من رفعِ مستوى مهاراتها”.
بات التدريب صفةً من صفات المؤسَّسات الحديثة التي تحرص على مواكبة كلِّ تغيُّر، فلن تستطيع المؤسَّسة والأفراد تحقيق أهداف النمو والرخاء في المستقبل، دون أن تكون هناك قِوى بشريةٌ متطوِّرةٌ وقادرةٌ على استيعاب التغيير.
أصبح الالتحاق بدوراتٍ تدريبيةٍ اليوم ضرورةٌ ملحَّةٌ للأفراد والمؤسَّسات؛ لكون العالم في تغيُّرٍ وتطوُّرٍ دائم، ما يُلزِم الإنسان بضرورة مواكبته وتطوير ذاته، ليتماشى ويتجاوب بوعيٍ مع كلِّ ما قد يطرأ من متغيِّراتٍ ومشاكل وتحدِّيات.
لقد آن الأوان ليُدرك الجميع فوائد الدورات التدريبية وأهميتها في تطوير وتنمية القدرات الوظيفية والمهارات الذاتية للفرد، وإكسابه الخبرات والمهارات المختلفة الفنية والإدارية والتقنية، والتي تؤدِّي إلى تغيير سلوكه وتوجُّهاته نحو الأفضل.